منذ القدم، يسعى الإنسان إلى فهم ما حوله وما بداخله، حيث بدأت جهوده في دراسة المجتمعات والعلاقات الإنسانية منذ زمن بعيد. وقد تطورت هذه الجهود حتى وصلت إلى مجال الإنثروبولوجيا في القرن الثامن عشر، ولكنها لم تحظى بالانتشار والاهتمام الواسع الذي تستحقه. يعود ذلك جزئياً إلى ظهور علم الاجتماع الذي كان مشابهاً لها وأكثر انتشاراً، مما أدى إلى تهميشها.
يشتق مصطلح “الإنثروبولوجيا” من اللغة الإنجليزية وهو مشتق من كلمة يونانية تعني “دراسة سلوك الإنسان” في سياق مجتمع ذو ثقافة اجتماعية محددة. تهتم هذه العلم بدراسة سلوك الإنسان ونشاطاته في سياق المجتمعات التي يعيش فيها. وتشمل دراسة الإنثروبولوجيا كلاً من الحياة البدائية والحياة المعاصرة للإنسان، بالإضافة إلى محاولة التنبؤ بمستقبله القادم استناداً إلى تطوره عبر التاريخ.
أقرأ أيضا: شركات كشف تسربات المياه
يمكن تعريف الإنثروبولوجيا بشكل شامل على أنها علم يدرس الإنسان من النواحي الثقافية والاجتماعية والطبيعية. تتضمن هذه الدراسات فهم تفاعل الإنسان مع بيئته ومجتمعه، وكيفية تكيفه مع التحولات التاريخية والثقافية.
طبيعة الإنثروبولوجيا
بالطبيعة، يتمحور علم الإنثروبولوجيا حول فهم الإنسان وسلوكه، ويسعى إلى تحديد الشبه والاختلاف بينه وبين الحيوانات الأخرى وبين الإنسان وأقرانه البشر. يركز الاهتمام في هذا العلم على دراسة الإنسان كجزء من مجتمعات وجماعات معينة، مما يفسر لماذا يتم توجيه الدراسة نحو الثقافات والمجتمعات بأكملها، بدلاً من التركيز فقط على الفرد. تُعنى الإنثروبولوجيا أيضًا بدراسة أفكار ومعتقدات الإنسان ومستوى ثقافته وتطورها عبر الزمن.
من المهم أن نفهم أن الإنثروبولوجيا تعتمد على نظريات التطور لتفسير تطور الثقافات والمجتمعات البشرية عبر العصور. تسعى هذه العلم إلى استكشاف كيفية تطور الإنسان وثقافته وتكيفه مع البيئة المحيطة به. ومن خلال دراسة هذه العلاقة التاريخية بين الإنسان و بيئته، يمكن للإنثروبولوجيا أن تسلط الضوء على كيفية تكوين المجتمعات والثقافات وكيفية تأثيرها على تطور الإنسان.
أقرأ أيضا: شركات عزل بجدة
بالإضافة إلى ذلك، يهتم الإنثروبولوجيون بدراسة العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية داخل المجتمعات البشرية. يسعى هؤلاء الباحثون إلى فهم كيفية تنظيم المجتمعات الإنسانية وكيفية تبادل المعرفة والقيم والسلطة داخلها.
على الرغم من أن الإنثروبولوجيا كلمة إنجليزية مشتقة من لفظ يوناني، إلا أنها تعبر عن مفهوم شامل يغطي دراسة الإنسان بكافة جوانبه الحضارية و الاجتماعية والطبيعية. ومن خلال هذا العلم، يمكن للباحثين فهم التنوع الثقافي والاجتماعي للبشر وكيفية تأثير هذا التنوع على تطورهم وتفاعلهم مع بيئتهم ومع بعضهم البعض.
أقسام الإنثروبولوجيا
يتألف علم الأنثروبولوجيا من أربعة فروع رئيسية، وهي الأنثروبولوجيا الطبيعية، والاجتماعية، والحضارية، والتطبيقية.
فيما يخص الأنثروبولوجيا الطبيعية، فإنها ترتبط بدراسة العلوم الطبيعية مثل التشريح وعلم الأعضاء. تركز هذه الفرعية من الأنثروبولوجيا على دراسة الإنسان كمخلوق فريد، مع التركيز على الصفات الجسدية والطبيعية التي تميزه، مثل القدرة على المشي منتصباً وحجم الدماغ. كما تشمل دراساتها التنوع البشري وتوزيعه في العالم وتطور الإنسان عبر التاريخ.
أما الأنثروبولوجيا الاجتماعية، فتركز على دراسة العلاقات الاجتماعية والبنية الاجتماعية للإنسان، وتطورها عبر العصور. تتناول هذه الفرعية العديد من المواضيع مثل العائلة والزواج والقرابة، والنظم الاقتصادية والسياسية.
أما الأنثروبولوجيا الحضارية، فتركز على دراسة الثقافات والحضارات المختلفة ومخترعات الشعوب البدائية، وتعمل على فهم تطور الثقافات والاتصال الحضاري بين الشعوب.
أقرأ أيضا: شركة عازل اسطح بالقصيم
أخيرًا، الأنثروبولوجيا التطبيقية تركز على تطبيق مبادئ الأنثروبولوجيا في حل المشكلات العملية، مثل تطوير المجتمعات البدائية وإدارتها، وتحسين التواصل معها، وتطوير التعليم والصحة والاتصال في هذه المجتمعات. تمتد مجالات العمل العملية لهذا الفرع إلى عدة مجالات منها التربية، والتنمية الاجتماعية و السياسية، والصحة والإعلام والاتصال.